
لا شك أن الإنسان حينما يسمع كلمة الممتلكات العامة يتبادر إلى الأذهان مباشرة أنها تعني أنّها ليست ملكاً لفرد بعينه، وإنما هي ملك لجميع المواطنين داخل الوطن والتي أنشأته الدولة حتى يستفيد منه الجميع ، حيث تكون هذه الممتلكات تابعةً لمُؤسّسات الدولة.
إذاً فمفهوم الممتلكات العامة يعني كل تلك المؤسسات بأنواعها والتي تقع تحت مظلة الملكية العامة أي ملكية المجتمع ككل لها وهي تشمل الجسور والطرق العامة والمساجد والجامعات والمدارس الحكومية والهيئات والمرافق العامة مثل شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والمراكز الخدمية مثل المستشفيات أو أقسام الشرطة أو الإسعاف والحدائق العامة والمنتزهات ووسائل المواصلات العامة وغيرها الكثير ، فجميع هذه الممتلكات لها أهميّة كبيرة للمجتمع ككُل؛ لأنّها وُجدت من أجل إفادة كل فرد، ويُعتبر الاعتداء على هذه الممتلكات وإتلافها بشتى السُبل أمراً مُخالفاً للقوانين وللدين أيضاً، لهذا يجب أن يعلم كُل فرد أن يتعامل مع هذه المُمتلكات وكأنها مُلكٌ له، وهذا لضمان الحفاظ عليها وحمايتها من أيّ اعتداء أو إفساد.
وبما أن الممتلكات العامة ليست ملكاً لفرد بعينه أو جماعة بعينها وإنما هي ملك للجميع الحاكم والمحكوم والرئيس والمرؤوس ، كانت مهمة الحفاظ عليها موكولة إلى الجميع فهي من ركائز الدولة ومُقوّماتها فهي فريضة اجتماعيّة ودينيّة قبل كلّ شيء، ينبغي على المُواطن أن يصونها ويُحافظ عليها من الخراب، حتّى يستفاد منها ومن الخدمات التي تُقدّمها .
عدد من علماء النفس والمهتمين بالشأن الإجتماعي يُرجعون تخريب وعبث الأفراد خصوصاً المراهقين بالممتلكات العامة إلى غياب التوعية الدينية بأهمية الحفاظ على الممتلكات العامة ويؤكدون أن الجو الأسري المشحون ينعكس على سلوكيات الأبناء داخل المجتمع.. والقضاء على هذه السلوكيات الخاطئة من الأبناء يبدأ من داخل البيت الذي يجب أن يأخذ على عاتقه تربية أبنائه على تحمل المسؤولية والتعامل مع الممتلكات العامة على أنها أمانة سنحاسب عليها يوم القيامة.
ولهذا لم يكن الحفاظ على هذه الممتلكات وليد يوم وليلة وأنما له مراحل وأدوار مهمة لابد أن يمر من خلالها وإلا أصبح الحفاظ عليها أمراً طارئاً طال الزمان أو قصر وللمحافظة على الممتلكات العامة يجب الأخذ بالحسبان هذه الأدوار الهامة وهي كالتالي :
اولاً دور العائلة :
يجب أن تكون العائلة مدركة لأهمية الحفاظ والعناية بالممتلكات العامة ويجب ان يكون هذا المفهوم متعارف عليه لدى جميع أفراد العائلة منذ سن الطفولة لذا لابد من تركيز الكبار على تعليم الأطفال والصغار ثقافة الحفاظ على المصالح العامة والممتلكات المجتمعية .
ثانياً دور المسجد :
العمل عى تقوية النازع الديني من قبل امام المسجد او الجامع من خلال صلاة الجمعة يُساهِم بشكل كبير في منع العبث بالممتلكات العامّة، حيث يستشعر الفرد أنّ تخريب المصلحة العامّة هو ذنب تقترفه بحقّ مُجتمع بأسره وليس مع شخص واحد، وهذا من الأمور المحرّمة قطعاً.
ثالثاً دور المدرسة :
الدور المناط بالمدارس كبير جداً خصوصًا بالمدارس الإبتدائية وذلك بغرس المعلم مفاهيم الحفاظ على الممتلكات العامة في النشئ كما ان قيام شباب الجامعات والمدارس بعمل حملات توعية لجميع فئات المجتمع بخصوص هذا المجال له دور فعّال إضافة إلى دور المسؤولين عن هذه المنشآت بتفقدها بصورة دورية وإجراء ما يلزمها من أعمال خاصة بالصيانة أو الترميم أو التجهيزات الضرورية لعملها ولنشاطها المقدم .
رابعاً الدور الحكومي :
قيام الحكومة ممثلة بالبلديات او الدوائر الحكومية ذات الصلة بسن التشريعات والقوانين التي تمكن من فرض عقوبات على العابثين بهذه الممتلكات وذاك حتى يكون رادعاً لمن يريد العبث بهذه الممتلكات كما يوجد دور هام مناط عليها وهو توعية المواطنين بأهمية الحفاظ على هذه الممتلكات، لما تحققه من مصالح تعود عليهم بالمنفعة والفائدة، وذلك من خلال المنشورات والندوات والمحاضرات الخاصة بذلك، ويجب أن يقوم كل فرد بتقديم النصيحة والإرشاد عند رؤيته لأيّ شخص يودّ إلحاق الضرر بهذه الممتلكات، ويجب أن يبدأ كل شخص بنفسه
خامساً دور الفرق التطوعية :
تقديم الخدمة التطوّعية في صيانة المرافق العامّة، وتقديم الخدمة مع مؤسسات المُجتمع المحلّي؛ لأن المشاركة التطوعية تُسهم بشكل فاعل في الحفاظ على الممتلكات العامّة، وتعمل على استدامتها من خلال الصيانة الوقائية، والصيانة الفعليّة، وكذلك لا بأس لو ساهمت في بعض المال من أجل الحفاظ على الممتلكات العامّة وتطويرها .
سادساً وهو الأهم دور الأفراد :
يجب أن يقوم كل فرد بتقديم النصيحة والإرشاد عند رؤيته لأيّ شخص يودّ إلحاق الضرر بهذه الممتلكات، ويجب أن يبدأ كل شخص بنفسه كما يجب على الأفراد تبليغ الجهات المختصة في حال مشاهدة عمليات تخريب متعمدة .
وفي نفس الإطار فإن الدولة ممثلة بالبلديات وغيرها من الإدارات ذات العلاقة لا تستطيع مراقبة كل حديقة وكل لعبه او عامود كهرباء او اي خدمة مقدمة للمجتمع ولكن المواطنين المستخدمين لهذه المرافق هم الأقرب لها وهم المسؤولين مسؤلية تامة عن مراقبتها والحفاظ عليها ومنع او التبليغ عن كل من يحاول العبث بها او تخريبها ، كما ينبغي ألا يكون العقاب لمن يقوم بالعبث بهذه الممتلكات قاصراً على الغرامة المالية فقط ، وذلك لأن بعض الناس قد يكون قادراً على دفع أضعاف مضاعفة لهذه الغرامات ، بل لابد من أن تكون هناك عقوبات أخرى بدنية يؤديها العابث بهذه الممتلكات كأدوار خدمية والمشاركة في أعمال الترميمات التي تعقب هذا العبث لما قد يتلف أو يتضرر من ممتلكات حتى يكون العقاب ملموساً وواقعياً لا كأنه يشترى نجاته من العقاب بالمال وذلك حتى يستشعر قيمة ما قام بإتلافه أو الاعتداء عليه .
وفي تصريح صحفي لرئيس بلدية طريف المهندس الظمني حطاب الرويلي حول العبث بالممتلكات العامة وضرورة التصدي له صرح بأن العبث بالممتلكات العامة تكلف البلدية أموالاً طائلة لصيانتها مرة أخرى وتكلف المواطنين فقدان هذه الخدمة، ويجب على الجميع الاهتمام بالنظافة ورمي المخلفات في أماكنها المناسبة ليتم التخلص منها بالطرق السليم .
واضاف إن هذه المشروعات الحيوية والخدمية نفذت لخدمة المواطن، وتحتاج إلى الرعاية والمحافظة عليها وصيانتها وتقع على عاتق الجميع لتدوم طيلة العمر الافتراضي المقدر لها، حيث صرفت عليها هذه المشروعات ملايين الريالات من خلال الميزانيات المعتمدة، لذلك لابد من المحافظة عليها وعدم إساءة استخدامها، مثل اللعب بالكرة فيها وإشعال النيران في المسطحات الخضراء والعبث بمحتوياتها من إنارة وأشجار وأجهزه صحية وشبكات ري.