وأدلى كيري بهذه التصريحات المثيرة للجدل خلال اجتماع مغلق مع اللجنة الثلاثية النافذة، الجمعة، كما أورد موقع «ذي ديلي بيست». وأورد الموقع أن مصدرا خلال الاجتماع أرسل إليهم التسجيلات التي تتضمن أقوال كيري.
وقال كيري بحسب «ديلي بيست»، إن «حل الدولتين يجب التأكيد عليه على أنه البديل الوحيد الواقعي. لأن دولة أحادية سينتهي بها الأمر أن تصبح إما دولة فصل عنصري مع مواطنين من الدرجة الثانية أو دولة تدمر قدرة إسرائيل على أن تكون دولة يهودية». وقال الموقع الإخباري، إن «الاجتماع الذي عقد الجمعة ضم مسؤولين كبارا وخبراء من الولايات المتحدة وغرب أوروبا وروسيا واليابان».
وأضاف كيري كما نقل عنه الموقع «حين يصبح هذا الإطار واضحا في الأذهان، فإنه عبر هذه الحقيقة التي هي الأساس يمكن فهم مدى أهمية الوصول إلى حل الدولتين الذي تعهد الزعيمان (الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو) حتى أمس (الخميس الماضي) بأنهما سيبقيان ملتزمين به».
وتعبير «الفصل العنصري» يأتي إشارة إلى نظام الفصل والقمع على أساس عرقي في جنوب أفريقيا بين عامي 1948 و1994. وأثارت تصريحات كيري الكثير من الجدل خصوصا أنها المرة الأولى التي يستخدم فيها مسؤول أميركي رفيع المستوى مصطلح «الفصل العنصري» في سياق محادثات مع الإسرائيليين، حتى وإن كانت في سياق تحذيرات مستقبلية.
وفيما امتنع كيري والرئيس الأميركي باراك أوباما عن استخدام هذا التعبير أثناء الحديث عن النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، فإن الرئيس السابق جيمي كارتر (1977 – 1981) عنوان كتاب أصدره في عام 2006 حول هذا الموضوع «فلسطين: السلام وليس الفصل العنصري». وخلال الحملة الانتخابية لأوباما في عام 2008 رفض أوباما كلمة الفصل العنصري في إجابته حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وقال، إنها «عبارة عاطفية وغير دقيقة من الناحية التاريخية، وإن الوضع ليس كذلك على ما أعتقد».
وشدد كيري على أن عملية السلام «لم تمت»، وقال بحسب الموقع الإخباري إن «التقارير عن انتهاء عملية السلام أسيء فهمها والحديث عنها. وحتى الآن، بينما قد وصلنا إلى أوقات مواجهة واضحة وجمود، لكن ذلك لا يدفعني لإعلانها منتهية». وأشار أن تغيير القيادة سواء الإسرائيلية أو الفلسطينية يمكن أن يخلق ظروفا أكثر ملاءمة للسلام والتوصل للاتفاق النهائي الذي طال انتظاره حول شكل الدولة الفلسطينية.
وتعد تصريحات كيري علامة واضحة على الإحباط العميق لدى الولايات المتحدة إزاء الانهيار شبه المؤكد للمحادثات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني. ويشهد اليوم (الثلاثاء) نهاية جولة محادثات استمرت تسعة أشهر بين الفلسطينيين والإسرائيليين وفشل الاتفاق على تمديدها بعد إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس التوصل إلى اتفاق مصالحة مع حركة حماس وإعلان إسرائيل تعليق المفاوضات على إثر ذلك.
ويلقي وزير الخارجية الأميركي باللائمة على كلا الجانبين في عدم إحراز أي تقدم محذرا من اندلاع العنف من الفلسطينيين ضد الإسرائيليين.
وتأتي تحذيرات وزير الخارجية الأميركي متزامنة مع تحذيرات من دبلوماسيين غربيين أكدوا للقادة الإسرائيليين مخاوفهم من أن انهيار محادثات السلام قد تؤدي إلى عزلة متزايدة لإسرائيل.
وفي محاولة للتخفيف من وقع استخدام وزير الخارجية الأميركي للفظ «الفصل العنصري»، قالت جين ساكي المتحدثة باسم الخارجية الأميركية: «وزير الخارجية قال إنهم سيواجهون خطر أن يصبحوا دولة عنصرية ما لم يقوموا بما هو مطلوب منهم». وأضافت: أن «وزير الخارجية كان يتحدث عن شكل المستقبل الذي ينظر إليه في إسرائيل، وشكل المستقبل الذي يأمله كل من الإسرائيليين والفلسطينيين. وأن الطريقة الوحيدة ليكون هناك دولتان وشعبان يعيشان جنبا إلى جنب في أمن وسلام يأتي من خلال حل الدولتين وتحقيق مستوى من الرخاء والأمن للشعب الإسرائيلي والشعب الفلسطيني وهو أمر ممكن، وهم يستحقون ذلك».
وغردت ساكي من خلال موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» لتشير إلى مقاطع لتصريحات مسؤولين إسرائيليين كبار أصدروا تحذيرات مماثلة بشأن «دولة الفصل العنصري»، منها تحذيرات رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت ووزيرة العدل الإسرائيلية تسيبي ليفني.
وفي غضون ذلك، يغادر وزير الخارجية الأميركي في رحلة دبلوماسية إلى أفريقيا تستغرق أسبوعا، ومن المتوقع أن يقدم بعد عودته تقديراته للوضع بين الفلسطينيين والإسرائيليين للبيت الأبيض، وتصوراته للدور الأميركي في جهود عملية السلام خلال الفترة المقبلة. وتشير مصادر في الخارجية الأميركية إلى أن المناقشات مستمرة بين الجانبين الأميركي والإسرائيلي حول تبعات قرار الجانب الفلسطيني تشكيل حكومة مصالحة مع حركة حماس.